رحيل مؤسس مستشفى السلام الخيري لجراحة القلب بسوبا
انطفأت شمعة مضيئه في عالم الانسانية
انه الرجل الخيري الذي قدم للسودان عصارة عمله الانساني والخيري بتأسيسه لاكبر مركز مجاني لجراحة القلب في افريقيا “مستشفي سوبا لجراحة القلب ”.
و ساد الحزن الأوساط السودانية الرسمية والشعبية، بوفاة جراح القلب الإيطالي المحبوب في البلد العربي جينيو أسترادا، الذي ارتبط اسمه بالرئيس المخلوع عمر البشير.
وقد يكون سبب اهتمام السودانيين بوفاة أسترادا، إسهام مركز مستشفى السلام لجراحة القلب الخيري الذي أسسه في ضاحية سوبا جنوبي الخرطوم عام 2007، في إنقاذ قلوب الآلاف من السودانيين.
لكن ذلك لم يكن السبب الوحيد الذي جعل السودانيين ينعون أسترادا على المنصات الرسمية ووسائط التواصل الاجتماعي، فقد ارتبط الجراح بأذهانهم من خلال واقعة “إحراج البشير” الشهيرة، عندما رفض طلبا له بفرض رسوم على المرضى.
ولد أسترادا في أبريل 1948، وبرز كواحد من أشهر جراحي القلب في أوروبا، وفي عام 1994 أسس منظمة الطوارئ غير الحكومية المعترف بها من الأمم المتحدة، التي عملت في 13 دولة تضررت من الحروب ومنها العراق وأفغانستان والسودان وسيراليون وكمبوديا وإفريقيا الوسطى.
ويتلقى الفقراء في مراكزه المنتشرة في هذه الدول، العلاج وكافة الخدمات الطبية عالية الجودة مجانا.
إنقاذ الآلاف
ومنذ تأسيسه قبل 14 عاما على يد أسترادا كأكبر مركز مجاني في إفريقيا، ظل مركز مستشفى السلام يقدم خدمات جراحية وعلاجية من دون مقابل، استفاد منها أكثر من 150 ألف مريض قلب داخل السودان وخارجه.
وتزامن افتتاح المركز مع عمليات خصخصة واسعة في القطاع الصحي بالسودان، مما دفع بالكثيرين إلى حافة الموت بسبب عدم القدرة على توفير العلاج
واللافت أن المركز تخصص في جراحات القلب التي قد تبلغ تكلفة الواحدة منها نحو 250 ألف دولار، وبني على أعلى المستويات التي تضاهي أحدث المستشفيات في العالم المتقدم.
إحراج البشير
وارتبط اسم أسترادا لدى السودانيين بمقطع فيديو مسرب لاجتماع عقده معه البشير، ضم كبار أطباء المركز وعددا من أعوان الرئيس السابق عام 2013.
وأظهر المقطع مقاومة أسترادا لضغط البشير، الذي أصر على تحويل منشأته من مستشفى خيري يقدم خدماته العلاجية مجانا إلى مركز طبي يفرض رسوما على مرضاه.
إلا أن الطبيب الإيطالي أحرج البشير برفض طلبه، وقال مخاطبا الرئيس السابق: “نحن أجانب وأتينا لنقدم خدمات علاجية مجانية لمواطنيكم، فكيف تمنعون الفقراء من تلقي مثل هذه الخدمة وتحولوها بقوة الدولة من عمل خيري لاستثمار يرهق من لا يستطيع إليه سبيلا؟”.
وأثار المقطع في حينه ضجة كبيرة بين السودانيين، الذين وجهوا انتقادات واسعة للبشير لمحاولته إغلاق قناة علاج مجانية تسهم في إنقاذ حياة الآلاف من الفقراء.
حزن سوداني
ونعت الحكومة السودانية أسترادا، مشيدة بإنسانيته ونبله وتفانيه في خدمة المرضى الذين يقصدون مستشفاه من دون أي تمييز.
وقالت الخارجية السودانية في بيان إن “خدمات المستشفى الدولي الذي أسسه امتدت لأعداد معتبرة من السودانيين والدول المجاورة”.
ووصف عبد القادر العشاري رئيس لجنة شكلها ناشطون سودانيون لتخليد ذكرى أسترادا عقب وفاته، بـ”الرجل الخيري الذي قدم للسودان عصارة عمله الطبي الإنساني والخيري”.